کد مطلب:18125 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:223

الوصیة فی الشعر العربی
إنّ الشعر العربی یعدّ دیوان العرب و سجّل مآثرهم و أیامهم، و قد دوّن الرعیل الأول من شعراء صدر الإسلام الأحداث الكبری و الوقائع العظمی التی مرت بها الدعوة الإسلامیة منذ تباشیر نشأتها الأولی، وعكسوا فی أشعارهم مفاهیم الإسلام و مصطلحاته التی ألفوها من خلال صحبتهم للنبی المصطفی صلّی اللّه علیه و آله و سماعهم كلام الوحی علی لسانه.

و كانت الوصیة من المفاهیم المهمة التی حظیت بنصیب وافر فی دیوان الشعر العربی منذ فجر الرسالة و الی الیوم، و قد تسالم علی نقلها أهل العلم و رواة الأخبار علی الاتفاق و التواطؤ جیلاً بعد جیل بشكل لا یمكن لأحدٍ إنكاره أو دفعه إلّا مكابرة أو عناداً.

و قد عبّر ابو العباس المبرّد عن كثرة النصوص الشعریة الواردة فی الوصیة بقوله: فهذا شیء كانوا یقولونه ویكثرون فیه. [1] .

و ذكر ابن أبی الحدید فی معرض شرحه لقول أمیر المؤمنین علیه السلام عن أهل البیت علیهم السلام: «و فیهم الوصیة و الوراثة» اثنین و عشرین نصاً من الشعر المقول فی



[ صفحه 100]



صدر الإسلام، المتضمن كونه علیه السلام وصی رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله، و قد نقلها جمیعاً عن كتابین [2] فقط، ثم قال فی آخرها: والأشعار التی تتضمن هذه اللفظة كثیرة جداً و لكنّا ذكرنا منها هاهنا بعض ما قیل فی هذین الحزبین، فأما ما عداهما فانه یجلّ عن الحصر، و یعظم عن الإحصاء و العدّ، و لو لا خوف الملالة و الإضجار لذكرنا من ذلك مایملأ أوراقاً كثیرة. [3]

و قد اقتصرت فی هذا الفصل علی الأشعار التی أنشدها الصحابة دون غیرهم لتكون شواهد تاریخیة دامغة، بالغة فی الحجة، قاطعة لذرائع المتذرّعین و المؤوّلین، لما تضمّنته من نصوص صریحة فی الدلالة علی أن الوصیة أمرٌ معروف فی صدر الإسلام، و أنها تعنی الاستخلاف و ولایة الأمر بعد الرسول صلّی اللّه علیه و آله، و قد رتّبت أسماء الشعراء علی حروف الهجاء:


[1] الكامل في اللغة و الأدب 2: 151.

[2] و هما كتاب (وقعة الجمل) لأبي مخنف لوط بن يحيي، و قال فيه ابن أبي الحديد: و أبو مخنف من المحدثين و ممن يري صحة الامامة بالاختيار، وليس من الشيعة ولا معدوداً من رجالها. و الكتاب الثاني (صفين) لنصر بن مزاحم بن يسار المنقري، قال: و هو من رجال الحديث، شرح ابن أبي الحديد 1: 147.

[3] شرح ابن أبي الحديد 1: 150.